(عليّ آني يا دنيا ليه جرتي... وجعلتي ع الربابة بحزن جرتي. بكيت ومن دموعي مليت جرتي... عند ما شيّلوا ظعون الحباب).
مازال محتفظاً بهمة الشباب، وهو يدخل عامه الخامس والسبعين، خفيف التنقل، كثير الكلام، موسوعته البدوية حاضرة وملأى بالقصص الممتعة، شوقه للربابة كشوقه لصبية تنتظره عند (النبعة) يهفو إليها، يداعبها بأنامله، فهذه تسمعه الكلام الذي يحب، وتلك تشق روحه بموسيقا الروح.
لن تبحث عنه كثيراً، فقط اذهب إلى قرية "بري الشرقي" التي تقع إلى الشرق من مدينة "سلمية" بـ /13/ كم، واسأل أيّاً كان عنه، لتجد نفسك تلتقي به. إنه "محمد خضر مغربية" والمعروف بـ "أبي خضر" من مواليد عام 1934 في القرية المذكورة، ومتزوج ورزق بـ/10/ أبناء ثلاثة منهم من الصبايا.
موقع eHama التقى به في منزله يوم الأحد 18/1/2009 حيث الدفء الحميم مع زوجته التي ما كرهت يوماً أن زوجها يغني للجميلات!!. بل تشعر بالفخر أن من يسعدهن هو من تحب، وهي أيضاً من أحبها دون البقية.
سألناه كيف تعلّم العزف على الربابة فقال: «كنت حينها في سن 23 اشتريت ربابة وبدأت أتعلم العزف عليها، ونقول عن عازف الربابة (لاعب) والعزف في عرفنا هو (العزق) لذا يقال لشاعر الربابة (عزّق)
بكل الأحوال ليس لهذه الآلة من معلم، أو مدرس، أو مدرب، فهي
محمد خضر مغربية
شعبية ينظر إليها البعض باستعلاء إذ يرونها لا تجاري في قيمتها باقي الآلات كـ (العود) مثلاً، كنت أحضر كباقي أبناء القرية كل الحفلات التي أقيمت في تلك الفترة، وكانت عيني لا تفارق شاعر الربابة، وكيف يتعامل معها، من هنا أحببت هذه الشجية بألحانها، والساحرة بأنغامها، فالذي لا يتعلم بنفسه، ولنفسه، لن يجد من يدفعه إلى ذلك».
وعن الأشعار التي يغنّي؟ من يكتبها له؟ يقول: «في البداية لم أكن أمتلك موهبة التأليف، فكان كل ما أغنيه مما حفظته عمن سبقني، وفي تلك الفترة كان عدد من شعراء العتابا لهم قيمتهم، وانتشارهم الواسع، ويفخر كل عازف أن يغني شيئاً مما قالوه. من الأسماء المهمة التي غنيت لها الشاعر "علي مصطفى الآغا"، والشاعر المهم "صادق حديد" وفيما بعد ولده "محمد صادق حديد" ذائع الصيت. وهناك مما حفظته من آخرين نتيجة تجوالي المستمر بين المدن والقرى لإحياء الحفلات».
وعن اللون المفضل الذي يغني، يقول: «كثيرة ألوان الغناء التي يمكن لعازف الربابة أن يتناولها، ولكنها بالمجمل تأتي من بيئة صحراوية، ونقول عنها هنا (شرقاوية) فمنها (العتابا) و(النايل) و(السويحلي) وهذه الأخيرة جاءتنا من العراق، هم أبرع من تناول هذا النوع من
حديث الذكريات
الغناء الصعب، وسميت (سويحلي) لأنها جاءت من الساحل الشرقي للعراق. أما (العتابا) فلذلك قصة، وقصة مثيرة حدثت بين عاشقين، منعا من اللقاء، فاكتفيا بإرسال الأشعار وكان كل منهما ينهي قصيدته بلازمة تدل عليه، فالشاب ينهي قائلاً: (معلّم على الصدعات قلبي) في حين تنهي المحبوبة قصيدتها بـ (حبيّب يا مصايب الله)».
وعن حفلاته يقول: «لم تبق قرية أو منطقة إلا وغنينا فيها، حتى في "لواء اسكندرون" أحييت حفلتين، وإذا أردنا تعدادها فالقائمة ستطول، ولكن رسالتنا كانت إحياء الحفلات مقابل مبلغ من المال، لقد أصبحت الربابة مصدر عيشنا، وقد تزوجت، وأنجبت، من خلال عملي على الربابة، يمكن أن أقول لك أنني أحييت ما يقارب /200/ حفلة. فيما بعد امتهنت حرفة البناء (معمرجي) وما زلت حتى هذه اللحظة أعمل بها، والحمد لله مستورة».
هل لأن عصر الربابة قد أفل؟ فيقول: «عصر الربابة سيستمر ما دام هناك إنسان يمشي على هذه الأرض، وإذا سمعت يوماً أو رأيت جنازة، وسألت عن الميت، وقيل لك إن الميت هو الفن، عندها أقول لك أن الربابة قد ماتت أيضاً، بل أؤكد لك أنها لن تموت قبل أن تنعي الفن، ومن بعدها يمكن أن
مع زوجته
تزول».
عندما توفي "محمد صادق حديد" ماذا قلت فيه؟ بحسرة يجيب: «لا أعرف ما أقول!! "أبو صادق" خسارة كبيرة، خطأ طبي، أو تقصير تقني أودى بحياته؟؟.. عندما عدنا من المدفن (الجبّانة) ورأيت أن الكل حزين على فقده قلت وأنا أبكي: (يا عيني واذرفي الدمعات من دم.... وعليي في حياته الأبد ما اندم... أسافه يا بو صادق تكون من دم .... بضمن صندوق مغلق للبواب)
الله يرحمه».
وعن مشاركته في مسلسل "حد الهاوية" يقول: «طلب مني المخرج "علاء الدين الشعار" أن أغني (يا تيل يا بوعمد) غنيت له سبع قرائن بما يعادل ساعة ونصف، وأثناء عرض المسلسل اكتفى المخرج بأقل من دقيقة؟! ومع أن المسلسل ريفي، كان ممكن أن تتوزع هذه القرائن على كل الحلقات فتزيدها جمالاً. (يصطفلوا) بس المهم أن مدير الإنتاج اتفق معي على مبلغ /6000/ ليرة سورية، قبضت منها /800/ ليرة (بس؟؟!!) وأنا سمعت ما يفعله مدراء الإنتاج ليس معي وإنما مع كل الذين عملوا معهم في هذا المسلسل، واسألوا "أوهان الحاج" عن بقرته التي شاركت في المسلسل».
وماذا يقول (التيل بو عمد؟) فينشد على ربابته: (يا تيل يا بوعمد يا مطارق الوديان.. سلم وزيد السلام.. وإن جيت ع الخلان.. يا تيل يا بوعمد ودّي لعشيري أخبار..............).
مازال محتفظاً بهمة الشباب، وهو يدخل عامه الخامس والسبعين، خفيف التنقل، كثير الكلام، موسوعته البدوية حاضرة وملأى بالقصص الممتعة، شوقه للربابة كشوقه لصبية تنتظره عند (النبعة) يهفو إليها، يداعبها بأنامله، فهذه تسمعه الكلام الذي يحب، وتلك تشق روحه بموسيقا الروح.
لن تبحث عنه كثيراً، فقط اذهب إلى قرية "بري الشرقي" التي تقع إلى الشرق من مدينة "سلمية" بـ /13/ كم، واسأل أيّاً كان عنه، لتجد نفسك تلتقي به. إنه "محمد خضر مغربية" والمعروف بـ "أبي خضر" من مواليد عام 1934 في القرية المذكورة، ومتزوج ورزق بـ/10/ أبناء ثلاثة منهم من الصبايا.
موقع eHama التقى به في منزله يوم الأحد 18/1/2009 حيث الدفء الحميم مع زوجته التي ما كرهت يوماً أن زوجها يغني للجميلات!!. بل تشعر بالفخر أن من يسعدهن هو من تحب، وهي أيضاً من أحبها دون البقية.
سألناه كيف تعلّم العزف على الربابة فقال: «كنت حينها في سن 23 اشتريت ربابة وبدأت أتعلم العزف عليها، ونقول عن عازف الربابة (لاعب) والعزف في عرفنا هو (العزق) لذا يقال لشاعر الربابة (عزّق)
بكل الأحوال ليس لهذه الآلة من معلم، أو مدرس، أو مدرب، فهي
محمد خضر مغربية
شعبية ينظر إليها البعض باستعلاء إذ يرونها لا تجاري في قيمتها باقي الآلات كـ (العود) مثلاً، كنت أحضر كباقي أبناء القرية كل الحفلات التي أقيمت في تلك الفترة، وكانت عيني لا تفارق شاعر الربابة، وكيف يتعامل معها، من هنا أحببت هذه الشجية بألحانها، والساحرة بأنغامها، فالذي لا يتعلم بنفسه، ولنفسه، لن يجد من يدفعه إلى ذلك».
وعن الأشعار التي يغنّي؟ من يكتبها له؟ يقول: «في البداية لم أكن أمتلك موهبة التأليف، فكان كل ما أغنيه مما حفظته عمن سبقني، وفي تلك الفترة كان عدد من شعراء العتابا لهم قيمتهم، وانتشارهم الواسع، ويفخر كل عازف أن يغني شيئاً مما قالوه. من الأسماء المهمة التي غنيت لها الشاعر "علي مصطفى الآغا"، والشاعر المهم "صادق حديد" وفيما بعد ولده "محمد صادق حديد" ذائع الصيت. وهناك مما حفظته من آخرين نتيجة تجوالي المستمر بين المدن والقرى لإحياء الحفلات».
وعن اللون المفضل الذي يغني، يقول: «كثيرة ألوان الغناء التي يمكن لعازف الربابة أن يتناولها، ولكنها بالمجمل تأتي من بيئة صحراوية، ونقول عنها هنا (شرقاوية) فمنها (العتابا) و(النايل) و(السويحلي) وهذه الأخيرة جاءتنا من العراق، هم أبرع من تناول هذا النوع من
حديث الذكريات
الغناء الصعب، وسميت (سويحلي) لأنها جاءت من الساحل الشرقي للعراق. أما (العتابا) فلذلك قصة، وقصة مثيرة حدثت بين عاشقين، منعا من اللقاء، فاكتفيا بإرسال الأشعار وكان كل منهما ينهي قصيدته بلازمة تدل عليه، فالشاب ينهي قائلاً: (معلّم على الصدعات قلبي) في حين تنهي المحبوبة قصيدتها بـ (حبيّب يا مصايب الله)».
وعن حفلاته يقول: «لم تبق قرية أو منطقة إلا وغنينا فيها، حتى في "لواء اسكندرون" أحييت حفلتين، وإذا أردنا تعدادها فالقائمة ستطول، ولكن رسالتنا كانت إحياء الحفلات مقابل مبلغ من المال، لقد أصبحت الربابة مصدر عيشنا، وقد تزوجت، وأنجبت، من خلال عملي على الربابة، يمكن أن أقول لك أنني أحييت ما يقارب /200/ حفلة. فيما بعد امتهنت حرفة البناء (معمرجي) وما زلت حتى هذه اللحظة أعمل بها، والحمد لله مستورة».
هل لأن عصر الربابة قد أفل؟ فيقول: «عصر الربابة سيستمر ما دام هناك إنسان يمشي على هذه الأرض، وإذا سمعت يوماً أو رأيت جنازة، وسألت عن الميت، وقيل لك إن الميت هو الفن، عندها أقول لك أن الربابة قد ماتت أيضاً، بل أؤكد لك أنها لن تموت قبل أن تنعي الفن، ومن بعدها يمكن أن
مع زوجته
تزول».
عندما توفي "محمد صادق حديد" ماذا قلت فيه؟ بحسرة يجيب: «لا أعرف ما أقول!! "أبو صادق" خسارة كبيرة، خطأ طبي، أو تقصير تقني أودى بحياته؟؟.. عندما عدنا من المدفن (الجبّانة) ورأيت أن الكل حزين على فقده قلت وأنا أبكي: (يا عيني واذرفي الدمعات من دم.... وعليي في حياته الأبد ما اندم... أسافه يا بو صادق تكون من دم .... بضمن صندوق مغلق للبواب)
الله يرحمه».
وعن مشاركته في مسلسل "حد الهاوية" يقول: «طلب مني المخرج "علاء الدين الشعار" أن أغني (يا تيل يا بوعمد) غنيت له سبع قرائن بما يعادل ساعة ونصف، وأثناء عرض المسلسل اكتفى المخرج بأقل من دقيقة؟! ومع أن المسلسل ريفي، كان ممكن أن تتوزع هذه القرائن على كل الحلقات فتزيدها جمالاً. (يصطفلوا) بس المهم أن مدير الإنتاج اتفق معي على مبلغ /6000/ ليرة سورية، قبضت منها /800/ ليرة (بس؟؟!!) وأنا سمعت ما يفعله مدراء الإنتاج ليس معي وإنما مع كل الذين عملوا معهم في هذا المسلسل، واسألوا "أوهان الحاج" عن بقرته التي شاركت في المسلسل».
وماذا يقول (التيل بو عمد؟) فينشد على ربابته: (يا تيل يا بوعمد يا مطارق الوديان.. سلم وزيد السلام.. وإن جيت ع الخلان.. يا تيل يا بوعمد ودّي لعشيري أخبار..............).
