المثالية ومسألة الشر:
ليس ثمة شر بذاته . فالشر هو جهل ونقص في المعرفة والوعي . إن تعلقنا بالجزء دون الكل يحجب عن بصيرتنا رؤيا وحدة العالم في قلب تعدده وتنوعه وثنائيته. " نحن نرى الشر متأصلاً لأننا نعطيه شكلاً ثابتاً في حين أنه متحرك مع حركة الطبيعة فحركة الموت والحياة حركة واحدة لايكون فيها الموت حداً نهائياً وضمن هذه الحركة الكلية يتمثل الخير في تنبهنا للتوق العميق فينا ولمعنى وجودنا واتجاهه نحو الوحدة والحقيقة ويكون الشر بالتالي عدم الاهتمام بهذا التوق وإسكاته والانصراف عنه.
إن حرية الإنسان ليست في التحرر من الألم بل في احتماله وتحويله إلى إيجاب وإلى فرح . ولا يتحقق لنا ذلك " إلا عندما ندرك أن نفوسنا الفردية ليست الحقيقة الأسمى في وجودنا وأن فينا الإنسان الكوني الخالد الذي لايخشى الموت والألم والذي يرى في الألم الوجه الثاني للفرح " هكذا نتعلم أن نحول شعورنا السلبي بالألم إلى ثراء من القوة والحكمة والحب .
إن الخلاص الحقيقي هو الخلاص من الجهل. فالجهل هو الذي يجعلنا مقيدين بأنفسنا فنظن أننا غاية أنفسنا ووجودنا.
علينا ألا نستكين للشعور بالنقص أو للأنانية فنستغل أي شعور بالألم لتعظيم وتمجيد نفوسنا . فنحن بذلك إنما نطبق الشر .
" إنما الألم هو العذراء الطاهرة المكرسة لخدمة الكمال الخالد وحين تأخذ مكانها إلى جانب مذبح اللانهاية تنزع نقابها الأسود وتكشف وجهها لرائيها كأعظم تجل للفرح العلوي "
يشبّه طاغور حقيقة الألم بالمصباح الذي يحوي الزيت ويحفظه في وعائه المقفل كيلا يضيع لكن غايته الحقيقية ليست في فصل الزيت وعزله عن الأشياء من حوله وإلا فسيكون مثالاً للتعاسة وللشر ويجد الزيت معناه حين يضيء فيحقق صلته بالأشياء ويصبح حراً بينما هو داخل وعاء المصباح .
إن نفسنا تشبه هذا المصباح فهي تبقى مظلمة مادامت تدخر ممتلكاتها وتقبع في عزلة أنانيتها , لكنها إذ تجد نورها ترفعه وتمده لأنه معناها وقد وجدته . كذا فإن الطريق الذي أشار إليه بوذا ليس الزهد في النفس بل رحابة المحبة والتضحية . فالمحبة هي طريق الاستنارة لأنها المنارة. ولهذا فإن من يسلك هذا الطريق لايسأل لماذا أحب.. " لأن المحبة مكتفية بالمحبة.. إنما بالمحبة الكاملة نكتشف حرية أنفسنا . فوحده مايتم بمحبة يتم بحرية مهما كان مؤلماً "
ثمة رغبات فينا نحتاج إلى إشباعها لكن ثمة أيضاً فينا قانون عضوي كلي يسعى دائماً للحفاظ على صحتنا وتوازننا . وكذلك المجتمع محكوم بالتنافس والصراع لكن فيه أيضاً إرادة جمعية أعلى تشده إلى الخير . إن خلاص طبيعتنا العضوية يكون في نيل الصحة ويكون خلاص كائننا الاجتماعي في نيل الخير ويتحقق خلاص نفوسنا بالتالي في نيل المحبة . ( إن خلاص نفوسنا يتم بعبورها من الصورة السلبية للحرية الأنانية المتمثِّلة بالفوضى إلى الصورة الإيجابية للحرية ممثلة بالوعي والمحبة ) .
يتبع...
ليس ثمة شر بذاته . فالشر هو جهل ونقص في المعرفة والوعي . إن تعلقنا بالجزء دون الكل يحجب عن بصيرتنا رؤيا وحدة العالم في قلب تعدده وتنوعه وثنائيته. " نحن نرى الشر متأصلاً لأننا نعطيه شكلاً ثابتاً في حين أنه متحرك مع حركة الطبيعة فحركة الموت والحياة حركة واحدة لايكون فيها الموت حداً نهائياً وضمن هذه الحركة الكلية يتمثل الخير في تنبهنا للتوق العميق فينا ولمعنى وجودنا واتجاهه نحو الوحدة والحقيقة ويكون الشر بالتالي عدم الاهتمام بهذا التوق وإسكاته والانصراف عنه.
إن حرية الإنسان ليست في التحرر من الألم بل في احتماله وتحويله إلى إيجاب وإلى فرح . ولا يتحقق لنا ذلك " إلا عندما ندرك أن نفوسنا الفردية ليست الحقيقة الأسمى في وجودنا وأن فينا الإنسان الكوني الخالد الذي لايخشى الموت والألم والذي يرى في الألم الوجه الثاني للفرح " هكذا نتعلم أن نحول شعورنا السلبي بالألم إلى ثراء من القوة والحكمة والحب .
إن الخلاص الحقيقي هو الخلاص من الجهل. فالجهل هو الذي يجعلنا مقيدين بأنفسنا فنظن أننا غاية أنفسنا ووجودنا.
علينا ألا نستكين للشعور بالنقص أو للأنانية فنستغل أي شعور بالألم لتعظيم وتمجيد نفوسنا . فنحن بذلك إنما نطبق الشر .
" إنما الألم هو العذراء الطاهرة المكرسة لخدمة الكمال الخالد وحين تأخذ مكانها إلى جانب مذبح اللانهاية تنزع نقابها الأسود وتكشف وجهها لرائيها كأعظم تجل للفرح العلوي "
يشبّه طاغور حقيقة الألم بالمصباح الذي يحوي الزيت ويحفظه في وعائه المقفل كيلا يضيع لكن غايته الحقيقية ليست في فصل الزيت وعزله عن الأشياء من حوله وإلا فسيكون مثالاً للتعاسة وللشر ويجد الزيت معناه حين يضيء فيحقق صلته بالأشياء ويصبح حراً بينما هو داخل وعاء المصباح .
إن نفسنا تشبه هذا المصباح فهي تبقى مظلمة مادامت تدخر ممتلكاتها وتقبع في عزلة أنانيتها , لكنها إذ تجد نورها ترفعه وتمده لأنه معناها وقد وجدته . كذا فإن الطريق الذي أشار إليه بوذا ليس الزهد في النفس بل رحابة المحبة والتضحية . فالمحبة هي طريق الاستنارة لأنها المنارة. ولهذا فإن من يسلك هذا الطريق لايسأل لماذا أحب.. " لأن المحبة مكتفية بالمحبة.. إنما بالمحبة الكاملة نكتشف حرية أنفسنا . فوحده مايتم بمحبة يتم بحرية مهما كان مؤلماً "
ثمة رغبات فينا نحتاج إلى إشباعها لكن ثمة أيضاً فينا قانون عضوي كلي يسعى دائماً للحفاظ على صحتنا وتوازننا . وكذلك المجتمع محكوم بالتنافس والصراع لكن فيه أيضاً إرادة جمعية أعلى تشده إلى الخير . إن خلاص طبيعتنا العضوية يكون في نيل الصحة ويكون خلاص كائننا الاجتماعي في نيل الخير ويتحقق خلاص نفوسنا بالتالي في نيل المحبة . ( إن خلاص نفوسنا يتم بعبورها من الصورة السلبية للحرية الأنانية المتمثِّلة بالفوضى إلى الصورة الإيجابية للحرية ممثلة بالوعي والمحبة ) .
يتبع...